=======
يحيي فضل الله
============
عبد القادر الغير قادر
========================
العيد علي الابواب ، اي ابواب غير تلك التي شح علي عتباتها الرزق ، عبد القادر المحال الي الصالح العام لاسباب لا يعلمها و لم يستطع في محاولاته العديدة و التي إتسمت باللاجدوي معرفة اسباب هذه الإحالة فاستسلم لهذه الإحالة محاولا ان يجد مصدر رزق اخر يعول به اسرته فجرب مهن كثيرة لم تستطع مطلقا ان تسد احتياجات اسرته المكونة من زوجته وبنتين و ولد فتراكمت عليه ديون ايجار البيت والدكان ، حاول عبد القادر من ضمن محاولاته الكثيرة ان يدخل عالم السماسرة ولكنه في اول عملية سمسرة عرف ان مواهبه لا تؤهله تماما للولوج في هذا المجال ، كان ذلك حين وجد اول عملية سمسرة جهزها له احد اصدقائه والعملية كانت عبارة عن ثلاثة لواري محملة بصفائح زيت قادمة من معاصر الزيوت بامروابة وكان عليه ان يبحث عن مشتري لهذه الزيوت وهذا يعني انه سيقبض اجر سمسرته من البائع و المشتري وهكذا بواسطة صديقه و علاقاته في السوق حصل عبد القادر علي المشتري ولكنه وبحكم عدم خبرته في هذا المجال الشائك التفاصيل قام بفعل خطأ إستراتيجي وذلك حين جمع المشتري و البائع بحسن نية يجب ان لا تتوفر في شخصية سمسار وهكذا إتفق المشتري و البائع وتم العملية وذهب المشتري و البائع دون ان يدفع اي منهما اتعاب سمسرة عبدالقادر الامر الذي جعل صديق عبد القادر ينصحه بعدم الدخول مرة اخري في مجال السمسرة فضاعت احلام منام ويقظة عبد القادر في الثراء وظل يلهث وراء مهن مختلفة دون جدوي .
ضجة المايكرفونات تدعو المواطنيين للمساهمة في مشروع كساء العائدين ، العائدين من محرقة الحرب الي محرقة تتنوع فيها الصعوبات وتنمسخ فيها الحياة العادية البسيطة ، مشروع كساء العائدين يشارك فيه وبقصدية متعمدة ومضخمة جهازي التلفزيون و الراديو ، كان عبد القادر غير القادر علي مواجهة احتياجات رمضان ومواجه باحتياجات العيد ، اطفاله يحلمون و يأملون في ان تكون للعيد فرحة وفي حالة عبد القادر هي فرحة صعبة وممستحيلة المنال .
يتجول عبد القادر الغير قادر في اسواق لا يملك فيها حتي الفرجة التي هي بعيدة عن فعل الشراء ، يتجول وذهنه تضج فيه الاحتمالات ، تلك الاحتمالات التي هي اقرب الي عدم الحصول علي اي شئ يخص عيد اطفاله فالعيد بالنسبة له خارج تصوراته واحلامه المحصورة تماما في كيس ملاح اليوم ، رهق في الخلايا و ارهاق في الاعصاب ، كان عبد القادر غير القادر يتبع خطواته ذات اللاهدف وفي احدي الشوارع اقترب منه شخص به من البدانة ملامح يرتدي جلابية من قماش زاهي لامع ويضع علي رأسه عمامة ناصعة البياض وعلي كتفه يضع شالا مخططا بالازرق وعلي قدميه مركوب من جلد نمر هاجرت قطعانه الي الحدود المجاورة بسبب تلك الحروب التي لن ولم تتحالف مع اي انتصار ، اقترب ذلك الشخص من عبد القادر غير القادر علي تفاصيل الحياة ، اقتحم ذلك الشخص عبد القادر بتحية مفخمة
(( إزي الحال ))
(( اهلا ))
(( لو سمحت ممكن تساهم معانا ))
(( اساهم ؟ ، اساهم في شنو ؟ ))
(( في مشروع كساء العائدين ))
(( يا ابن العم انا ..... ما قادر .... ))
(( اقول ليك حاجة ، هي فكرة بسيطة ، انت عندك غير الهدوم اللابسة دي ؟ ))
(( كيف يعني ؟ ))
(( قصدي ، ممكن تتبرع بي هدومك دي زاتا ؟ ))
(( ما فاهم ))
(( خدمة بسيطة ، شايف الكاميرا ديك ))
(( كاميرا ؟ ))
(( ايوه ، دي الكاميرا البترصد المتبرعين و الداعمين لمشروع كساء العائدين و ده مشروع وطني و انساني عظيم ))
(( طيب ، يعني ... انا مافاهم اي حاجة ))
(( انا افهمك ))
(( كويس ))
(( كل المطلوب انك تقلع هدومك دي قدام الكاميرا ))
(( يعني بعد داك امشي عريان يعني ؟ ))
(( لا ، بس اقلع هدومك ونحن حنصور الفعل ده و بعد داك بنرجع ليك هدومك ))
(( يا ابن العم عليك الله خلينا في حالنا ))
وحاول عبد القادر غير القادر ان يتملص من تلك المهمة الغرائبية ولكن ذلك الشخص البدين و الفاخر الثياب الح عليه و خاصة ان المخرج وجد في ملامح عبد القادر ضألته من حيث انها ملامح ترمز الي الانسان البسيط وبين رفض عبد القادر غير القادر والحاح ذلك الشخص وهو إلحاح مدرب و خبير بإنكسار النوايا لوح ذلك الشخص بمبلغ200الف جنيه ، اسف 20 الف دينار في وجه عبد القادر فكان ان لمعت من عبد القادر غير القادر العيون ولم يملك الا ان ينفذ ذلك السيناريو .
وقف عبد القادر غير القادر امام الكاميرا وقبل ان يخلع ملابسه صاح بدون حماس (( الله اكبر ، الله اكبر ، الله اكبر )) منفذا تعليمات ذلك الشخص إلا ان المخرج المسئول عن هذه اللقطات المفتعلة اوقف عبد القادر و طالبه بحماس اكثر و هو يهتف وهنا تدخل ذلك الشخص البدين مرة اخري و اوعز الي عبد القادر غير القادر ان صياحه بالتكبير يساوي اكثر من نصف المبلغ الذي يجب ان يدفع له فما كان من عبدالقادر غير القادر إلا ان يستدعي حماسا كثيفا الي درجة التشنج حتي لايفقد ما هو اكثر من نصف المبلغ من النقود الموعود بها منفذا تفاصيل ذلك المشهد ، صرخ بكل ذلك الحماس المستدعي بفعل الحوجة و الضرورة الملحة و خلع ملابسه امام الكاميرا و من ثم تسلم ذلك المبلغ بعد ان اعيدت اليه ملابسه و هرول عبد القادر غير القادر نحو السوق .
عرض التلفزيون لقطات متنوعة توضح تفاعل المواطن مع فكرة مشروع كساء العائدين ومن ضمن تلك اللقطات ظهر عبد القادر غير القادر علي الشاشة البلورية و هو يخلع ملابسه متبرعا بها للعائدين من الحرب ، عبد القادر غير القادر لم يشاهد نفسه في التلفزيون لانه و بفعل الفقر لا يدخل ضمن اولئك المستمتعين بتجليات التواصل الاعلامي ولكن لاحظ عبد القادر غير القادر ان علاقاته بجيرانه و اصدقائه قد اصيبت بالجفوة ، بل ان احد اصدقائه صرخ فيه مستهترا به مستعينا بذلك المثل ( اقرع و نزهي ) ، كتم عبد القادر غير القادر تلك الحادثة في نفسه و لكنه كان فرحا بعض الشئ وهو يعرف انه لم يساهم في مشروع كساء العائدين و لكنه ساهم حقيقة في كساء اطفاله في العيد واستطاع ان يرسم علي وجهه إبتسامة و هو يري اطفاله وهم فرحين بملابس العيد .
بعد فترة زمنية ليست بالطويلة بعد حادثة التبرع بملابسه للعائدين من الحرب وبعد ان صور عبدالقادر للتلفزيون عدة مشاهد مختلفات بإختلاف المناسبات ومختلقات بإختلاف الاختلاقات الاعلامية هاهو عبد القادر القادر الان يتكئ علي اريكة وثيرة بعد عشاء فاخر وهو يشاهد نفسه علي الشاشة البلورية وهو متنكرا بفضل فنان مكياج محترف استطاع ان يغير كثيرا في ملامحه ، كان عبد القادر الذي اصبح قادرا الان يشاهد نفسه في التلفزيون وهو يحكي عن التعامل النبيل و الانساني الذي عومل به كاسير حرب
يحيي فضل الله
============
عبد القادر الغير قادر
========================
العيد علي الابواب ، اي ابواب غير تلك التي شح علي عتباتها الرزق ، عبد القادر المحال الي الصالح العام لاسباب لا يعلمها و لم يستطع في محاولاته العديدة و التي إتسمت باللاجدوي معرفة اسباب هذه الإحالة فاستسلم لهذه الإحالة محاولا ان يجد مصدر رزق اخر يعول به اسرته فجرب مهن كثيرة لم تستطع مطلقا ان تسد احتياجات اسرته المكونة من زوجته وبنتين و ولد فتراكمت عليه ديون ايجار البيت والدكان ، حاول عبد القادر من ضمن محاولاته الكثيرة ان يدخل عالم السماسرة ولكنه في اول عملية سمسرة عرف ان مواهبه لا تؤهله تماما للولوج في هذا المجال ، كان ذلك حين وجد اول عملية سمسرة جهزها له احد اصدقائه والعملية كانت عبارة عن ثلاثة لواري محملة بصفائح زيت قادمة من معاصر الزيوت بامروابة وكان عليه ان يبحث عن مشتري لهذه الزيوت وهذا يعني انه سيقبض اجر سمسرته من البائع و المشتري وهكذا بواسطة صديقه و علاقاته في السوق حصل عبد القادر علي المشتري ولكنه وبحكم عدم خبرته في هذا المجال الشائك التفاصيل قام بفعل خطأ إستراتيجي وذلك حين جمع المشتري و البائع بحسن نية يجب ان لا تتوفر في شخصية سمسار وهكذا إتفق المشتري و البائع وتم العملية وذهب المشتري و البائع دون ان يدفع اي منهما اتعاب سمسرة عبدالقادر الامر الذي جعل صديق عبد القادر ينصحه بعدم الدخول مرة اخري في مجال السمسرة فضاعت احلام منام ويقظة عبد القادر في الثراء وظل يلهث وراء مهن مختلفة دون جدوي .
ضجة المايكرفونات تدعو المواطنيين للمساهمة في مشروع كساء العائدين ، العائدين من محرقة الحرب الي محرقة تتنوع فيها الصعوبات وتنمسخ فيها الحياة العادية البسيطة ، مشروع كساء العائدين يشارك فيه وبقصدية متعمدة ومضخمة جهازي التلفزيون و الراديو ، كان عبد القادر غير القادر علي مواجهة احتياجات رمضان ومواجه باحتياجات العيد ، اطفاله يحلمون و يأملون في ان تكون للعيد فرحة وفي حالة عبد القادر هي فرحة صعبة وممستحيلة المنال .
يتجول عبد القادر الغير قادر في اسواق لا يملك فيها حتي الفرجة التي هي بعيدة عن فعل الشراء ، يتجول وذهنه تضج فيه الاحتمالات ، تلك الاحتمالات التي هي اقرب الي عدم الحصول علي اي شئ يخص عيد اطفاله فالعيد بالنسبة له خارج تصوراته واحلامه المحصورة تماما في كيس ملاح اليوم ، رهق في الخلايا و ارهاق في الاعصاب ، كان عبد القادر غير القادر يتبع خطواته ذات اللاهدف وفي احدي الشوارع اقترب منه شخص به من البدانة ملامح يرتدي جلابية من قماش زاهي لامع ويضع علي رأسه عمامة ناصعة البياض وعلي كتفه يضع شالا مخططا بالازرق وعلي قدميه مركوب من جلد نمر هاجرت قطعانه الي الحدود المجاورة بسبب تلك الحروب التي لن ولم تتحالف مع اي انتصار ، اقترب ذلك الشخص من عبد القادر غير القادر علي تفاصيل الحياة ، اقتحم ذلك الشخص عبد القادر بتحية مفخمة
(( إزي الحال ))
(( اهلا ))
(( لو سمحت ممكن تساهم معانا ))
(( اساهم ؟ ، اساهم في شنو ؟ ))
(( في مشروع كساء العائدين ))
(( يا ابن العم انا ..... ما قادر .... ))
(( اقول ليك حاجة ، هي فكرة بسيطة ، انت عندك غير الهدوم اللابسة دي ؟ ))
(( كيف يعني ؟ ))
(( قصدي ، ممكن تتبرع بي هدومك دي زاتا ؟ ))
(( ما فاهم ))
(( خدمة بسيطة ، شايف الكاميرا ديك ))
(( كاميرا ؟ ))
(( ايوه ، دي الكاميرا البترصد المتبرعين و الداعمين لمشروع كساء العائدين و ده مشروع وطني و انساني عظيم ))
(( طيب ، يعني ... انا مافاهم اي حاجة ))
(( انا افهمك ))
(( كويس ))
(( كل المطلوب انك تقلع هدومك دي قدام الكاميرا ))
(( يعني بعد داك امشي عريان يعني ؟ ))
(( لا ، بس اقلع هدومك ونحن حنصور الفعل ده و بعد داك بنرجع ليك هدومك ))
(( يا ابن العم عليك الله خلينا في حالنا ))
وحاول عبد القادر غير القادر ان يتملص من تلك المهمة الغرائبية ولكن ذلك الشخص البدين و الفاخر الثياب الح عليه و خاصة ان المخرج وجد في ملامح عبد القادر ضألته من حيث انها ملامح ترمز الي الانسان البسيط وبين رفض عبد القادر غير القادر والحاح ذلك الشخص وهو إلحاح مدرب و خبير بإنكسار النوايا لوح ذلك الشخص بمبلغ200الف جنيه ، اسف 20 الف دينار في وجه عبد القادر فكان ان لمعت من عبد القادر غير القادر العيون ولم يملك الا ان ينفذ ذلك السيناريو .
وقف عبد القادر غير القادر امام الكاميرا وقبل ان يخلع ملابسه صاح بدون حماس (( الله اكبر ، الله اكبر ، الله اكبر )) منفذا تعليمات ذلك الشخص إلا ان المخرج المسئول عن هذه اللقطات المفتعلة اوقف عبد القادر و طالبه بحماس اكثر و هو يهتف وهنا تدخل ذلك الشخص البدين مرة اخري و اوعز الي عبد القادر غير القادر ان صياحه بالتكبير يساوي اكثر من نصف المبلغ الذي يجب ان يدفع له فما كان من عبدالقادر غير القادر إلا ان يستدعي حماسا كثيفا الي درجة التشنج حتي لايفقد ما هو اكثر من نصف المبلغ من النقود الموعود بها منفذا تفاصيل ذلك المشهد ، صرخ بكل ذلك الحماس المستدعي بفعل الحوجة و الضرورة الملحة و خلع ملابسه امام الكاميرا و من ثم تسلم ذلك المبلغ بعد ان اعيدت اليه ملابسه و هرول عبد القادر غير القادر نحو السوق .
عرض التلفزيون لقطات متنوعة توضح تفاعل المواطن مع فكرة مشروع كساء العائدين ومن ضمن تلك اللقطات ظهر عبد القادر غير القادر علي الشاشة البلورية و هو يخلع ملابسه متبرعا بها للعائدين من الحرب ، عبد القادر غير القادر لم يشاهد نفسه في التلفزيون لانه و بفعل الفقر لا يدخل ضمن اولئك المستمتعين بتجليات التواصل الاعلامي ولكن لاحظ عبد القادر غير القادر ان علاقاته بجيرانه و اصدقائه قد اصيبت بالجفوة ، بل ان احد اصدقائه صرخ فيه مستهترا به مستعينا بذلك المثل ( اقرع و نزهي ) ، كتم عبد القادر غير القادر تلك الحادثة في نفسه و لكنه كان فرحا بعض الشئ وهو يعرف انه لم يساهم في مشروع كساء العائدين و لكنه ساهم حقيقة في كساء اطفاله في العيد واستطاع ان يرسم علي وجهه إبتسامة و هو يري اطفاله وهم فرحين بملابس العيد .
بعد فترة زمنية ليست بالطويلة بعد حادثة التبرع بملابسه للعائدين من الحرب وبعد ان صور عبدالقادر للتلفزيون عدة مشاهد مختلفات بإختلاف المناسبات ومختلقات بإختلاف الاختلاقات الاعلامية هاهو عبد القادر القادر الان يتكئ علي اريكة وثيرة بعد عشاء فاخر وهو يشاهد نفسه علي الشاشة البلورية وهو متنكرا بفضل فنان مكياج محترف استطاع ان يغير كثيرا في ملامحه ، كان عبد القادر الذي اصبح قادرا الان يشاهد نفسه في التلفزيون وهو يحكي عن التعامل النبيل و الانساني الذي عومل به كاسير حرب
0 التعليقات:
إرسال تعليق
{ ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}